توتر وانقسام داخل حزب العمال الكردستاني بعد بيان عبد الله أوجلان
أثار البيان الأخير لعبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني (PKK)، موجة من التوتر والانقسامات داخل صفوف الحزب. ففي خطابه، دعا أوجلان الحزب إلى إلقاء السلاح وحل التنظيم، مؤكدًا على ضرورة البحث عن حلول سياسية بدلًا من استمرار الصراع المسلح مع الدولة التركية. هذا الإعلان، الذي وصفه البعض بـ"التاريخي"، تسبب في ردود فعل متباينة بين مؤيدي أوجلان والمتشددين داخل الحزب، ما قد يهدد بتفكك التنظيم أو إعادة تشكيله بشكل جديد.
1. انقسام بين القادة العسكريين والسياسيين
لطالما كان هناك تباين في الرؤى بين القيادة السياسية للحزب، التي تتبنى نهج أوجلان الساعي للحوار، والجناح العسكري، الذي يرفض التخلي عن السلاح. فبعد البيان، صدرت تصريحات من شخصيات بارزة داخل الحزب، مثل مراد قره يلان وجميل بايك، تعبر عن تحفظها على هذه الدعوة، مشددة على أن الصراع مع الدولة التركية لم ينتهِ بعد، خاصة في ظل استمرار العمليات العسكرية التركية ضد معاقل الحزب في شمال العراق وسوريا.
2. صراع بين الأجنحة داخل التنظيم
يبدو أن الحزب يشهد انقسامًا داخليًا بين الأعضاء الذين يعتبرون أوجلان القائد الروحي والتاريخي، وبين المتشددين الذين يرون أن خطابه لا يعكس الواقع الميداني. فبينما يرى البعض أن الدعوة لإنهاء القتال خطوة استراتيجية لحماية مستقبل الأكراد، يرفض آخرون أي تنازلات، معتبرين أنها تأتي نتيجة الضغوط التركية، وليست خيارًا حقيقيًا للحزب.
3. تأثير البيان على الوضع في شمال سوريا والعراق
حزب العمال الكردستاني ليس كيانًا موحدًا، بل يمتد إلى حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD) في سوريا، وقوات سوريا الديمقراطية (SDF)، بالإضافة إلى وجوده في كردستان العراق. ومع أن بعض القوى الكردية السياسية في سوريا والعراق قد ترحب بهذه الخطوة، فإن الفصائل المسلحة في المنطقة، وخاصة تلك التي تواجه عمليات تركية مباشرة، قد تجد نفسها في موقف حرج.
4. موقف تركيا والحكومة العراقية
على الجانب الآخر، رحبت الحكومة التركية بالبيان، لكنها تنتظر أفعالًا على الأرض، حيث صرح مسؤولون أتراك بأن الحزب أمام خيار واضح: إما إلقاء السلاح فعليًا أو الاستمرار في المواجهة. أما في العراق، فقد أعربت حكومة بغداد وحكومة إقليم كردستان عن دعم أي خطوة تساهم في إنهاء وجود PKK في المنطقة، حيث تعتبره بغداد عائقًا أمام استقرار مناطقها الحدودية.
5. مستقبل الحزب: هل نحن أمام تفكك وشيك؟
يبقى السؤال الأهم: هل سيؤدي هذا البيان إلى تفكك حزب العمال الكردستاني؟
هناك احتمالان رئيسيان:
الأول: أن ينجح أوجلان في فرض رؤيته، مما قد يؤدي إلى تحول الحزب إلى كيان سياسي يتخلى عن العمل المسلح تدريجيًا.
الثاني: أن يرفض الجناح العسكري هذا التوجه، ما قد يؤدي إلى انشقاقات داخلية أو حتى تشكيل فصائل جديدة أكثر تطرفًا.
خاتمة
يبدو أن حزب العمال الكردستاني يقف أمام مرحلة مصيرية. فإما أن يختار نهج المصالحة الذي دعا إليه أوجلان، أو أن تستمر الخلافات الداخلية، مما قد يؤدي إلى انقسامه أو حتى انهياره كتنظيم موحد. الأيام القادمة ستكون حاسمة في تحديد مستقبل الحزب ومصير القضية الكردية في المنطقة.