اتفاق تاريخي بين سوريا ولبنان برعاية سعودية: أبعاد ودلالات
🔹 مقدمة
في خطوة غير مسبوقة منذ سنوات، وقع لبنان وسوريا اتفاقًا برعاية سعودية، يهدف إلى ترسيم الحدود وتعزيز التعاون الأمني والعسكري بين البلدين. جاء هذا الاتفاق بعد توترات حدودية وتصاعد التحديات الأمنية بين الطرفين، في ظل متغيرات إقليمية كبيرة، أبرزها سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024.
فما هي تفاصيل هذا الاتفاق؟ وما دلالاته على مستقبل العلاقة بين بيروت ودمشق؟
🔹 تفاصيل الاتفاق وأهدافه
تم التوقيع على الاتفاق في مدينة جدة السعودية، بحضور وزير الدفاع اللبناني، ميشال منسى، ونظيره السوري، مرهف أبو قصرة، وبرعاية وزير الدفاع السعودي، الأمير خالد بن سلمان.
🔸 أبرز بنود الاتفاق:
✅ ترسيم الحدود: تشكيل لجان قانونية وتقنية لضبط الحدود بين البلدين وفق المعايير الدولية، ما يسهم في إنهاء النزاعات الحدودية التي استمرت لعقود.
✅ التعاون الأمني والعسكري: إنشاء آليات تنسيق مشتركة لمكافحة التهريب عبر الحدود، خصوصًا تهريب المخدرات والأسلحة، وهي قضايا شائكة كانت مصدر خلاف مستمر.
✅ خفض التوترات: الاتفاق على آليات واضحة لمنع الاشتباكات الحدودية مستقبلاً، بعد أن شهدت الفترة الماضية مواجهات بين قوى أمنية لبنانية ومجموعات مسلحة سورية.
🔹 السياق الإقليمي وتأثير سقوط نظام الأسد
يأتي هذا الاتفاق في سياق تحولات كبرى يشهدها المشهد السياسي في المنطقة. فمع سقوط نظام الأسد نهاية العام الماضي، دخلت سوريا مرحلة جديدة من عدم الاستقرار السياسي، ما دفع العديد من الدول، بما فيها السعودية، إلى التدخل دبلوماسيًا لمنع انتشار الفوضى إلى الدول المجاورة، وعلى رأسها لبنان.
لطالما كان حزب الله لاعبًا أساسيًا في العلاقة بين سوريا ولبنان، حيث استخدم الحدود لتأمين خطوط إمداد عسكرية واقتصادية. ومع تغير موازين القوى داخل سوريا، تزايدت المواجهات بين قوات أمنية سورية وميليشيات مسلحة لبنانية تعمل في التهريب. هذا الاتفاق يمثل خطوة نحو الحد من هذه الأنشطة وتعزيز السيطرة على الحدود.
🔹 الدور السعودي في رعاية الاتفاق
لعبت السعودية دورًا محوريًا في إنجاح هذا الاتفاق، حيث استضافت المحادثات وقدمت ضمانات للطرفين من أجل تنفيذ البنود المتفق عليها.
يأتي هذا التحرك ضمن رؤية السعودية لتعزيز استقرار المنطقة، وتقليل نفوذ الجماعات المسلحة غير النظامية التي تعمل خارج إطار الدولة.
🔹 التحديات المحتملة أمام تنفيذ الاتفاق
رغم التوقيع على الاتفاق، لا تزال هناك تحديات كبيرة قد تعيق تنفيذه، أبرزها:
❌ وجود قوى غير نظامية على الحدود: من الصعب ضبط الحدود بالكامل في ظل نشاط ميليشيات وتهريب مستمر منذ سنوات.
❌ الواقع السياسي في سوريا: غياب حكومة مركزية مستقرة بعد سقوط نظام الأسد قد يجعل تطبيق الاتفاق بطيئًا أو غير كامل.
❌ معارضة أطراف داخل لبنان: هناك قوى سياسية داخل لبنان قد تعارض هذا التقارب، خاصة التي تعتمد على العلاقة مع سوريا في مصالحها الأمنية والاقتصادية.
🔹 خاتمة
يعد هذا الاتفاق بين سوريا ولبنان خطوة مهمة نحو تهدئة التوترات وتعزيز الاستقرار الإقليمي، لكنه لا يخلو من التحديات التي قد تؤثر على تنفيذه.
الدور السعودي في الوساطة يؤكد على توجه جديد في السياسة الإقليمية يهدف إلى دعم الاستقرار بعيدًا عن الصراعات المسلحة.
الأيام القادمة ستكشف مدى قدرة الطرفين على الالتزام ببنود الاتفاق، وانعكاس ذلك على الأمن الإقليمي والعلاقات اللبنانية-السورية في المستقبل.